مع الدكتور إبراهيم بو زيداني
1- متلازمة ستوكهولم (Stockholm syndrome)
أثناء وبعد عملية تبادل الأسرى الذي تم بين المقاومة الإسلامية في غزة –حماس- والحكومة الإسرائيلية، ظهرت العديد من التفاعلات الإنسانية بين الأسرى الإسرائيلين من مختلف الفئات العمرية و أفراد المقاومة المرافقين لهم . حيث أظهر الأسرى تفاعل عاطفي-اجتماعي إيجابي جداً. هذه التفاعلات النفس-عاطفية بين “المختطفين” و “الخاطفين”، جعلت الكثير من الناس يبحثون لها عن تفسير. لذلك نجد أن بعض المختصين في علم النفس اعتمدوا على ظاهرة نفسية يصطلح عليها بــ (متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome) أو “رابطة الأَسْر أو الخطف”. تعرف هذه الظاهرة النفسية بأنها تعاطف أو يتعاون الإنسان مع عدوه، أو مَن أساء إليه بشكل من الأشكال، أو إظهار بعض علامات الانسجام والمشاعر الإيجابية والولاء من المُختَطَف تجاه الخاطف أو الآسر. حيث قد تصل هذه المماهاة والتعاطف لدرجة الدفاع عن الخاطف أو الآسر، والتضامن معه. فهو بهذا ترابط عاطفي قوي يتكون بين شخصين أحدهما يضايق ويعتدي ويهدد ويضرب ويخيف الآخر بشكل متقطع ومتناوب. هذه المشاعر بشكل عام، يعتبرها علماء النفس إدراكات غَيْر منطقية ولا عقلانية. هذا لأنها تعتبر عدم الإساءة من قبل المعتدي إحساناً ورحمة. ويعتبرها بعض المختصين نوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة.
لكن من خلال التحليل النفس-معرفي لسيكولوجية الأسرى وتصرفاتهم، وردود أفعالهم تجاه أفراد المقاومة الإسلامية في غزة، يجعلنا نلاحظ أن هناك فارقا جوهرياً في أسس ظاهرة “متلازمة ستوكهولم” والمعطيات المركبة لما حدث في غزة بين المأسورين والآسرين. حيث نلحظ غياب عامل العنف الذي كان مفترضا من طرف الآسر. وبهذا نجد أن العلاقة بين المأسورين والآسرين كانت طبيعية، ومؤسسة على بعد قيمي أخلاقي إنساني. إذن فإن أحد أهم أركان هذه الظاهرة مفقود من المعادلة. وبناء عليه هل يمكن اعتبار “متلازمة ستوكهولم” آلية صحيحة في قراءة نفسية وسلوكات الأسرى الإسرائليين لدى المقاومة؟ إذا كانت الإجابة بــ “لا”، فكيف يمكننا في هذه الحالة تفسير ما حصل لهم؟ لذلك نحتاج لقراءة نفسية-معرفية جديدة لهذه الظاهرة وفق آلية جديدة يمكن تسميتها بـــ (متلازمة غزة Gaza syndrome).
2- متلازمة غزة (Gaza syndrome).
يمكن تعريف هذه المتلازمة بأنها: “إعادة الشخص ترتيب إدراكاته أو تصحيحها بطريقة إيجابية حول موضوع ما وذلك من خلال المعايشة الواقعية الميدانية له، وهذا بعدما كانت لديه تصورات مسبقة غير واقعية وسلبية حوله”. حيث نجد في حالتنا هذه، أن كل الأسرى كان لديهم مجموعة تصورات مسبقة سلبية “جدا وخطيرة” حول حقيقة المقاومة في غزة والطبيعة المعرفية والسلوكية حول أفرادها. لكن بعد معايشة الأسرى الميدانية للمقاومة وأفرادها، انقلبت التصورات “السلبية جدا” إلى تصورات “إيجابية جدا” مناقضة تماما لما كان عندهم. وبالتالي حصل ما يمكن وصفه بصدمة نفسية إيجابية جعلتهم غير قادرين على إخفاء مظاهر التعاطف والتفاعل الإيجابي مع أفراد المقاومة. حيث انتقال العلاقة بين الأسير والآسر، من مجرد كونها علاقة تعاطف Sympathy إلى درجة التقمص العاطفي Empathy، أي فهم الأسرى الإسرائيلين لموقف الطرف الآخر –مقاتلي حماس- سواء من الناحية العاطفية أو الفكرية، لدرجة تقمص الأسرى لموقف أفراد المقاومة والغزاويين عموما، ووضع أنفسهم مكانهم.
3- المميزات الفارقة بين (متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome) و(متلازمة غزة Gaza syndrome)
لكل متلازمة أعراض وسلوكية وعاطفية ومعرفية تميزها عن غيرها، لذلك سنحاول توضيح أهم الفروق بين المتلازمتين من خلال المقارنة بين الأعراض المتفق عليها لــــ”متلازمة ستوكهولم” وما يقابلها من أعراض لــــ “متلازمة غزة”، نلخصها في الجدول المرفق:
متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome | متلازمة غزة Gaza syndrome |
المشاعر الإيجابية من الأسير تجاه الآسر المعتدي المتسلط | المشاعر الإيجابية من الأسير تجاه الآسر غير المعتدي ولا المتسلط |
المشاعر السلبية للضحية تجاه العائلة أو الأصدقاء أو من يحاول إنقاذهم أو الوقوف بجانبهم. | المشاعر الإيجابية للأسير تجاه العائلة أو الأصدقاء أو من يحاول إنقاذهم أو الوقوف بجانبهم. |
الدعم والتأييد العاطفي غير الواعي لسلوك وتفكير المعتدي | الدعم والتأييد العقلي والعاطفي الواعي لسلوك وتفكير الآسر |
المشاعر الإيجابية المتذبذبة للمعتدي تجاه الضحية | المشاعر الإيجابية الثابتة والصادقة للآسر تجاه الأسير |
سلوكياتٌ مساندةٌ للمعتدي من قبل الضحية وأحياناً مساعدة المعتدي | سلوكيات مساندة عقلانية وأخلاقية من قبل المأسور وأحياناً مساعدة له. |
عدم القدرة على المشاركة في أي سلوك يساعد على تحرير الضحية أو فك ارتباطها. | القدرة على المشاركة في أي سلوك يساعد المأسور على تحرره مع عدم الرغبة في فك ارتباطه مع الآسر، بسبب قوة التقمص العاطفي الذي يسيطر على المأسور. |
ما يجب الإشارة إليه في الختام هو أن هذه القراءة المفاهمية النفسية، ما هي إلا محاولة معرفية جديدة تتطلب المزيد من الدراسة والبحث والتدقيق. وهو الأمر الذي نتركه للباحيثن في المجال النفسي للتعمق والتأصيل المعرفي لها.
Alsalum alikum
This post is intresting and they are practicing islamic moral values with hostages
في متلازمة غزة تم استعادة الوعي بالواقع ومسار الأحداث التي أدت إلى هذه الصدمة وأسبابها… بينما في متلازمة ستوكهولم فُقد الوعي بالواقع وتشوه التسلسل المنطقي للأحداث
في متلازمة غزة القوة التي كان من المفترض أن تدافع عن الأسرى ألحقت الأذى بهم… أما في متلازمة ستوكهولم فهمت تلك القوة ما وقعوا فيه وحمتهم
In Gaza Syndrome, awareness of reality and the course of events leading up to this trauma and its causes was restored… while in Stockholm Syndrome, awareness of reality was lost and the logical sequence of events was distorted.
In the Gaza Syndrome, the force that was supposed to defend the prisoners caused harm to them… while in the Stockholm Syndrome, that force understood what they had fallen into and protected them.
Also among the differences between the two syndromes :
[ ] In Gaza Syndrome, awareness of reality and the course of events leading up to this trauma and its causes was restored… while in Stockholm Syndrome, awareness of reality was lost and the logical sequence of events was distorted.
[ ] In the Gaza Syndrome, the force that was supposed to defend the prisoners caused harm to them… while in the Stockholm Syndrome, that force understood what they had fallen into and protected them.